في أحد الأيام اقترب ذو النون المصري إلى قرية فرأته امرأة من علی السطح فصارت تضحك فسألها: لماذا تضحكین؟ هكذا تستضیفون الغرباء؟
فقالت: حین رأیتك من بعید ورأیت ثیابك تصورت أنك صوفي ولكن من الطریقة التي كنت تمشی بها شكیت أن تكون صوفیاً والآن حین اقتربت أكثر ورأیت وجهك عرفت أن لا علاقة لك بالصوفية.
فصرخ ذو النون ورجع من حیث أتی ولم یرجع إلى تلك القرية إلا بعد عشرین سنه.
اعتاد الصوفیین أن یلبسوا الصوف ولهذا لقُبوهم بالصوفیة لأنهم كانوا یجوبون البلدان والصحراء بهذه الملابس وكانت الفكرة هي، الحرارة الخارجية لیس لها أهمية حین تحس بالبرودة الداخلية
ذو النون المصری أحد العارفین المشهورین والذي وصلت شهرته إلى البلدان المجاورة ولكن هذه القصة حصلت وهو في أول الطریق، یقال أنه رجع إلى الصحراء وبقي فیها عشرین سنة وحین عاد كان الفرق واضح وتعرف الناس علیه فسألوه: ماذا كنت تفعل في الصحراء؟ قال: لم أفعل شيء فكرت فیه من قبل. كل شيء كان یحصل من نفسه....
ماذا ترید أن تقول لنا هذه القصة؟
إذا تعلمت شيء وخاصة إذا كان هذا الشيء هو طریقه حیاة فیجب أن تعیشه أيضاً... إذا قرأت كل الكتب عن كرة القدم وتعلمت كل قوانینها فهل أنت لاعب كرة قدم؟ مستحیل إلا إذا دخلت الملعب وطبقت كل ما تعلمته؛ وهكذا بالنسبة للصوفية ممكن أن تتعلم وتقرأ وتلبس لباس الصوفية ولكن هل أنت صوفي؟
إذن الخطوة الأولی هي أن تعیش ما تعلمته والخطوة الثانية هي أن تكون صبوراً في هذا الطریق، تصور ذو النون رجع بعد عشرین سنة!!! فعرفه الناس من خطوته ومن نظرته.... لیس من ملابسه.